يقول المُصنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: [فهو سبحانه يكره الشيء ولا ينافي ذلك إرادته لأجل غيره] فيكره الشيء أي: لذاته، ولا ينافى ذلك إرادته لأجل غيره لا لأجل ذاته [وكونه سبباً إِلَى أمر هو أحب إليه من فوته] أي: من عدمه [من ذلك: أنه خلق إبليس الذي هو مادةٌ لفساد الأديان والأعمال والاعتقادات والإرادات].
أي: المادة التي تمد الفساد، ففساد الأديان والأعمال والاعتقادات والإرادات من إبليس، أعاذنا الله وإياكم من شره، [وهو سبب لشقاوة كثير من العباد] فكم أضل من النَّاس نسأل الله العافية، قال تعالى: ((وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ))[الصافات:71] وقال أيضاً: ((وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)) [يوسف:103].
فكم أضل إبليس! فلم ينجُ من شره وكيده ومكره إلا القليل.
يقول: [وهو الساعي في وقوع خلاف ما يحبه الله ويرضاه] فلو استطاع إبليس أن يصرف الإِنسَان عن الدخول إِلَى المسجد، وقد توضأ وأتى يريد الطاعة، ويصرفه عنه إِلَى مكان الزنا أو الخمر لفعل ذلك ولم يتردد، ولهذا لا يترك العبد لحظةً واحدة، حتى إن غلبه العبد وصلى فإنه يأتيه بالوساوس، ويأتيه بالخطرات وبالمشاكل، ولا يدع العبد لحظةً واحدة، فهذا حاله، عدوٌ لله مترصد لأن يُعصى الله، ولا يريد أن يطاع أبداً.
فهو إذاً الساعي في وقوع خلاف ما يحبه الله ويرضاه، [ومع هذا] الشر المستطير، [فهو] إبليس [وسيلة إِلَى محابَّ كثيرةٍ للرب تَعَالَى] وإلى أمور محبوبة كثيرة، هي مراده لله تَبَارَكَ وَتَعَالَى [ترتبت عَلَى خلقه، ووجودها أحبّ إليه من عدمها]
ثُمَّ ذكر المُصنِّف رحمه الله تعالى بعضاً من الحكم في ذلك.